يمكن اعتبار ما جاء في مقابلة المفكّر العربي الدكتور طلال أبوغزاله مع الإعلامي علي حمادة في برنامج هاشتاغ سياسي، بمثابة تأصيل وتشريح دقيق لما يشهده قطاع غزة هذه الأيام والقضية الفلسطينية بشكل عام، فقد وضع الرجل الأمور في نصابها الدقيق وكشف عن رؤيته فيما يخصّ مستقبل القضية والحرب على غزة.
وانطلق الدكتور أبوغزاله في المقابلة من حقيقة أن "هذه ليست معركة، بل هي بداية حرب التحرير، ونهايتها ستكون انهاء الاحتلال"، مؤكدا أن هذه الحرب بدأت نتيجة (75) عاما من الاحتلال والقتل والظلم والقهر والقسوة، وقد قرر الشعب الفلسطيني في 7 اكتوبر أن يأخذ أمره وقراره بيده ويرفع هذا الظلم عن نفسه، فيما شدد المفكّر العربي على أن العدوّ الصهيوني هو محتلّ، وأن المحتلّ لا يحقّ له الدفاع عن نفسه كما يحاول العدوّ تصوير حربه على غزة.
وحول الإبادة الجماعية التي يرتكبها جيش الاحتلال بحقّ الأهل في غزة، يشير الدكتور أبوغزاله إلى أن ما حصل من دمار ينقسم إلى نوعين؛ دمار انساني ودمار ماديّ، لافتا إلى أن الدمار الماديّ غير مقلق، فقد تدمّرت ألمانيا في الحرب العالمية الثانية، لكنّها عادت بعد ذلك وصارت واحدة من أكبر (7) اقتصادات في العالم. أما بخصوص الدمار والخسائر البشرية، ورغم أنها كبيرة وأن كلّ روح هي غالية، لكنّ التحرير والانتصار على الاحتلال له ثمن كبير، تماما كما الجزائر التي قدّمت مليون شهيد حتى تحررت.
وقال الدكتور أبوغزاله إن العدوّ الصهيوني أُعميت عينيه وقرر أن يخوض حرب إبادة جماعية، مشددا على أن هذه الإبادة الجماعية ستقلب كلّ شيء على هذا العدوّ، إذ لا يمكن لأحد أن يُدافع عنها أو يكون شريكا فيها، فهي جريمة كبرى في كلّ معايير الدنيا.
ولفت أبوغزاله إلى أن نتنياهو وضع هدفين من هذه الحرب (تحرير الأسرى الصهاينة، والقضاء على حماس)، لكنّ حرب الإبادة لن تقضي على حماس أو فكرة ومشروع المقاومة عموما، فالمقاومة موجودة في نفس (30) مليون فلسطيني يتمسّكون بتحرير وطنهم، كما أن هذه الإبادة ستقضي على الأسرى الذين لن يُستثنوا منها، وهو ما يؤشر عليه اقتراح وزير صهيوني بإلقاء قنبلة نووية على قطاع غزة.
وبينما أثنى الدكتور أبوغزاله على صمود الفلسطينيين وتمسّكهم بأرضهم بالإضافة إلى رفض كلّ الدول استقبال لاجئين فلسطينيين، عرض أبوغزاله حقائق تؤكد استحالة هزيمة الشعب الفلسطيني الذي قال إنه "يقاتل ويقاوم في يد ويبني باليد الأخرى"، مشيرا إلى منحة طلال أبوغزاله للحصول على درجة الماجستير في عدة تخصصات والتي تشهد اقبالا كبيرا من الفلسطينيين تحت الاحتلال وفي الشتات، وكان أول خرّيج لهذه المنحة من قطاع غزة.
أبوغزاله، الذي يرى في كلّ تحدّ فرصة، رأى أن قرار سلطات الاحتلال بالتخلّي عن العمالة الفلسطينية ايجابية كبيرة، قائلا إن استقدام عمالة آسيوية يُكلّف خزينة الكيان عشرة أضعاف العمالة الفلسطينية، بالإضافة إلى كون انتاجية العامل الفلسطيني أكبر، مؤكدا أن هذا القرار من شأنه دفع الفلسطينيين إلى التحوّل نحو التفوّق في المجالات التقنية، فالشعب الفلسطيني خُلق ليُبدع ويبتكر ويتميّز "ليُصبحوا كلّهم أفضل من طلال أبوغزاله".
وأكد أبوغزاله أننا نعيش وضعا كلّ المؤشرات فيه سلبية بالنسبة للاحتلال وايجابية بالنسبة للفلسطينيين، فالأم الفلسطينية تفتخر بتقديم مزيد من الشهداء، بينما يخشى المستعمر الصهيوني ويرتعب ويُصاب بحالة نفسية خوفا من الموت.
وفيما يتعلّق باليوم التالي للحرب، يؤكد أبوغزاله أنه "لن يكون هناك يوم تالي للحرب، فالعدوّ لن يسترد أي أسير إلا بعد انتصار المقاومة بشكل كامل، وهذا أمر محسوم"، مضيفا أن اليوم التالي هو أحد خيارين؛ إما انحسار الاحتلال يوما بعد يوم، أو استدعاء الولايات المتحدة لحرب اقليمية بعد استفزاز المنطقة وخاصة لبنان أو ايران أو سوريا واستدراجهم لهذه الحرب، وهذا قد يقود إلى تدخّل الصين أيضا إذا ما شعرت الأخيرة أن الولايات المتحدة تريد الهيمنة الكاملة على المنطقة.
ويتابع أبوغزاله في حديثه عن اليوم التالي للحرب على غزة، أن اليوم التالي أو الثالث أو الرابع سيكون نهاية الاحتلال الذي مُني منذ السابع من اكتوبر بفشل وراءه فشل وراءه فشل، فلا مهرب من حقيقة أن هذا الكيان سيواجه قدره ومصيره بالزوال.
وفيما يتعلّق بإعادة إعمار قطاع غزة، أكد أبوغزاله أن أهل غزة قادرون على إعادة إعمار غزة، مشيرا إلى أن مجموعة طلال أبوغزاله العالمية تعمل الآن على إعداد برنامج لنشر المعرفة المتعلقة ببناء الدول ومرافقها من بنية تحتية وغيرها، ليصبح المشتركون به خبراء في بناء شبكات المياه والصرف الصحي والكهرباء وغيرها، أما توفير الأموال فإنه سيكون سهلا، فالأمة العربية العظيمة ستقدّم المال دون تردد.
وبخصوص الحلّ النهائي للقضية الفلسطينية، يحسم أبوغزاله رأيه ورؤيته بالرهان على الشعب الفلسطيني ومقاومته لدحر وإنهاء الاحتلال، وإقامة دولة فلسطينية واحدة تستوعب الجميع بما فيهم اليهود الفلسطينيين، وعودة اليهود مزدوجي الجنسية إلى بلادهم إن لم يكونوا راغبين بالعيش تحت مظلة العلم الفلسطيني.
احسان التميمي