11-آب-2024

عواقب الإقصاء عن الإنترنت

خلال فترة رئاستي للتحالف العالمي لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتنمية التابع للأمم المتحدة  UN -GAID، دافعت عن المساواة في الوصول إلى الإنترنت، وشددت على أهميته في تعزيز الشمولية وضمان عدم تخلف أي شخص خلف الركب. واليوم، أصبح الإنترنت جزءا رئيسا من حياتنا المعقدة، كوسيلة الاتصال الرئيسة لدينا في المجالين العام والخاص.
ومع التقدم في العلوم والطب، والذي ساهم في زيادة متوسط العمر المتوقع، أصبحت معالجة صعوبات التواصل التي تواجه كبار السن أمرا بالغ الأهمية. إن المشهد الديموغرافي العالمي يشهد تطوراً، حيث تشير التوقعات إلى أنه بحلول العام 2050 سيبلغ واحداً من كل 6 أفراد بعمر 65 عاما أو أكثر. وهذا يتطلب إعادة تقييم نهجنا تجاه الشيخوخة، حيث تلعب الصحة العقلية دورا محوريا في عيش حياة صحية، خاصة بالنسبة لكبار السن الذين يتعاملون مع قضايا مثل الوحدة والعزلة الاجتماعية. وبالنسبة للعديد من كبار السن، فإن صحتهم العقلية تعتمد بشكل كبير على التواصل.
وعلى الرغم من التقدم الكبير في إمكان الوصول إلى الإنترنت، إلا أن هناك فجوة رقمية ملحوظة تسود في مناطق مختلفة وتؤثر بشكل غير متناسب على الفئات العمرية الأكبر سنا. حيث يفتقر عدد كبير من كبار السن إلى قدرة وصول الإنترنت، ما يعوق قدرتهم على التواصل مع أفراد العائلة، والحصول على المعلومات، والمشاركة في المحادثات الاجتماعية. وتسلط الأبحاث الضوء على الاّثار الإيجابية للتواصل الرقمي على الصحة العقلية لكبار السن، حيث إن التفاعل مع تقنيات المعلومات والاتصال يعزز الروابط الاجتماعية، ويوفر التحفيز العقلي، ويساعد في التخفيف من مشاعر العزلة.
يتماشى توفير الإنترنت لهذه الفئة من الأشخاص بشكل سلس مع العديد من أهداف التنمية المستدامة SDGs، وهي مجموعة من 17 هدفًا عالميًا للرخاء والسلام متفق عليها من جميع دول أعضاء الأمم المتحدة. وتشمل هذه الأهداف:
الهدف 3 من أهداف التنمية المستدامة SDG 3 (الصحة والرفاهية)، التركيز على الصحة العقلية للجميع، وبخاصة كبار السن.
الهدف 10 من أهداف التنمية المستدامة SDG 10 (الحد من أوجه عدم المساواة)، العمل نحو القضاء على الفوارق من خلال الوصول العادل إلى الموارد الرقمية.
الهدف 11 من أهداف التنمية المستدامة SDG 11 (المدن المستدامة والمجتمعات)، إنشاء مساحات حضرية حيث يمكن لكبار السن الاستفادة من بنية تحتية رقمية قوية.
لذلك فمن الواضح أن هناك حاجة ملحة لتوسيع خدمات الإنترنت إلى المناطق النائية والمهمشة بشكل أكبر. إنه من الضروري أن تتعاون الحكومات والشركات والمنظمات غير الحكومية بشكل فعال لضمان حدوث هذا التوسع بشكل عادل وبأسعار معقولة. أعتقد أنه ينبغي توفير الإنترنت مجانًا لكبار السن، على أن يكون ذلك مدعومًا بمبادرات وأنشطة أخرى.
ولأن تعزيز الثقافة الرقمية بين كبار السن يعد أمرًا بالغ الأهمية أيضًا لأنه يمكنهم من التنقل بثقة عبر منصات الإنترنت، فيجب أن تتولى المراكز المجتمعية وورش العمل زمام المبادرة في تعليم هذه المهارات الأساسية.
لقد أصبح الوصول إلى الإنترنت الآن ضرورة وليست رفاهية. فكبار السن هم أعمدة أساسية في مجتمعنا ومن الضروري ضمان حصولهم على حق الوصول العادل للتكنولوجيا. لقد ساهموا بشكل كبير في عالمنا ولديهم حكمة وقيم ثمينة لمشاركتها مع الأجيال الشابة. أعتقد أننا يجب أن نعطي الأولوية لتوفير الاتصال لكل كبار السن، ودعم تعلمهم وقدرتهم على الصمود. إن ثروتهم من الذكاء والخبرة والبصيرة يمكن أن تثري العالم من حولنا.