13-شباط-2023

أهمية السياحة الذكية

أهمية السياحة الذكية
لقد أثبتت التكنولوجيا أنها أداة ذات أهمية حيوية في جعل مجتمعاتنا أكثر كفاءة وشفافية، وأنها تعزّز العدالة الديمقراطية في إمكانية الوصول إلى الخدمات وفي الاندماج الاجتماعي. مع ظهور المدن الجديدة ذات البنى التحتية الذكية، يمكن للمستهلكين الاستفادة من الخدمات عبر الإنترنت بسبب تقارب التقنيات في العديد من المجالات، مما يوفر رؤى لا مثيل لها كم يوفر إمكانية الوصول إلى الخدمات بطريقة لم تكن ممكنة من قبل. كان للتكنولوجيا تأثير ممتد كونها حفزت المزيد من الابتكار من خلال تطوير بوابات وتطبيقات فريدة من نوعها تستفيد من البنى التحتية للمدن الذكية لتوفير قيمة أكبر للمقيمين والسياح.
السياحة الذكية هي أحد هذه الابتكارات التي استفادت من انتشار الهواتف المحمولة وتطبيقاتها، مثل Uber وAirBnB وJustEat وTripAdvisor وEventBrite وBooking.com والمتاجر الإلكترونية، مثل Amazon Fresh، بالإضافة إلى Google Translate والأنظمة المعلوماتية، مثل خرائط جوجل التي تجمع بين الاتجاهات وإطلالات على الشارع بالإضافة إلى أماكن الجذب المحلية والآراء حول المطاعم. كل ذلك يشجع السياحة الذكية، حيث تعمل هذه التطبيقات جنبًا إلى جنب مع العديد من التطبيقات الأخرى والمدونات المحلية ومواقع الآراء على تعزيز تطوير النظم الإيكولوجية المرنة، ما يوفر شبكة من الوظائف التي تسمح للأشخاص بالتفاعل مع المدينة بطريقة رقمية وتمكنهم من اكتساب معلومات أكثر والحصول على قيمة أكبر مما هو متوفر في المدينة.
ويكمن نجاح وفائدة تقنيات السياحة الذكية هذه في التكامل بينها وفي توفير شبكة غنية من الوظائف التكميلية عبر المدينة، فضلاً عن توفير نقاط اتصال أكبر مع المستهلكين وبالتالي زيادة فرص التسويق. ونظرًا لأن هذه كلها ابتكارات خاصة، يجب على الوكالات السياحية الحكومية التأكد من دقة المعلومات المقدمة. كما يجب عليها أيضًا توفير إطار تشغيلي بالاشتراك مع الإدارات الأخرى حتى تتحقق الفائدة من هذه الابتكارات.
يسمح الاستخدام المشترك لهذه المنصات بانتشار السياحة الذكية. خلال الوباء، أصبح "قضاء العطلة في منزلك أو مدينتك" أمرًا معتادًا حيث أًجبر الناس على قضاء عطلاتهم في أماكن إقامتهم بسبب قيود السفر واستفادوا من هذه التطبيقات للتخطيط لرحلاتهم. ولكن ومع تخفيف قيود السفر، واصل السياح نفس هذه الممارسات من خلال الوصول إلى هذه التطبيقات بلغاتهم. لذلك، من المهم كسب ثقة الناس في هذه التطبيقات والمواقع، والتي يجب أن توفر التفاعل والأمان للمعاملات المالية عبر الإنترنت. أما السمعة فهي أهم شيء في عالم الإنترنت والمواقع والتطبيقات فمن يستحوذ على سمعة جدية يسيطر على السوق. 
يجب أن تكون سلامة المستهلك مجال اهتمام رئيسي، كما يجب أن يكون هناك إشراف وتنظيم من قِبل السلطات، بالإضافة إلى توفر إنترنت يصنف فائدة ونضج وسلامة هذه التطبيقات، والتي قد تختلف من بلد إلى آخر. بالنسبة للبلدان التي لازالت في طريقها إلى السياحة الذكية، فإن إنشاء بوابة إلكترونية للسياحة متعددة اللغات، تتكامل مع هذه التطبيقات، بالاشتراك مع مزودي السياحة والموارد المحلية الأخرى لتشمل الواقع الافتراضي والجولات الواقعية المعززة في مناطق الجذب السياحي، سيلقى المزيد من القبول لدى السياح.
يمكن للمدن الأكثر طموحًا أن تنظر في تطوير مراكز السياحة، ولوحات معلومات الدليل السياحي الذكية، وأكشاك معلومات السياح التفاعلية الموضوعة بشكل استراتيجي في جميع أنحاء المدينة، فضلاً عن الوصول المجاني إلى الواي-فاي. أرى أن مسألة الوصول إلى الإنترنت هي عامل رئيسي هنا لأن السائح في كثير من الأحيان لا يستخدم الإنترنت عبر شبكة الهاتف المحمول بسبب ارتفاع رسوم التجوال. ستحل خدمة الواي-فاي المجانية هذه المشكلة وتوفر أداة أساسية للوصول إلى موارد السياحة الذكية عبر الإنترنت. تم بالفعل تنفيذ هذه التقنيات في العاصمة الكورية "سيؤول"، المدينة السياحية الذكية الرائدة. وتوفر السياحة الذكية أيضًا فرصة لجمع البيانات السياحية الضخمة التي تساعد المدن في تحسين الرؤى المستقبلية كما في تطوير السياحة. في العصر الرقمي، يجب أن يكون هذا جهدًا مستمرًا ويجب أن تكون عروض السياحة الذكية ديناميكية ومحدثة باستمرار.
يبدأ كل هذا باستراتيجية السياحة الذكية الشاملة التي يجب تطويرها بمساهمة من أصحاب المصلحة في جميع المجالات، فضلاً عن استعداد الحكومة للاستثمار في التكنولوجيا والبنية التحتية. ستختلف الميزانيات من بلد إلى آخر، ولكن الأمر المؤكد هو أن جميع البلدان يمكنها على الأقل إحراز بعض التقدم في تطوير السياحة الذكية وتحسينها في مدنها. ويعتبر هذا مصدرًا كبيرًا للإيرادات التي تزداد الحاجة إليها بعد العواقب السلبية للوباء العالمي، ويجب أن توليه المدن في جميع أنحاء العالم الاهتمام الواجب.

طلال أبوغزاله