23-شباط-2023
البنية التّحتيّة وتحديّاتها: مقارنة أمريكيّة صِينيّة
البنية التّحتيّة وتحديّاتها: مقارنة أمريكيّة صِينيّة
للمعاناة عند الدّول وجهان: أحدهما طبيعيّ، والآخر بشريّ، وكلاهما يحتاجان إلى تخطيط؛ لتجاوزهما.
لقد شاهدنا الدّمار الذي خلّفته العواصف والحرائق والفيضانات وذوبان الثلوج القطبية في البِنية التحتية لأعمال النفط والغاز في أمريكا، ما قد يحتاج إلى مليارات من الدولارات لإعادة البناء. فكيف تعامل رؤساء أمريكا مع هذا الحدث؟
لقد تسلّق رؤساء أمريكا في حملاتهم الانتخابية على سلّم تحسين تلك البنية التحتية، وسداد الدّيون التي خلّفتها الأعاصير، كما تسابقوا في الإعلان عن هذا خلال فترات تولّيهم الرّئاسة.
وهذا ما سمعناه من تصريحات أثناء الحملة الانتخابية للرّئيس السّابق ترامب، عام 2016م، ومن الرّئيس الحالي جو بايدن، عام 2020م، وكلاهما اصطدم بحقيقة العَجز المالي، في الميزانيّة العموميّة. فهل سيواجهون الأرقام بالكلام.
لقد عانت أمريكا من تردّي البنى التحتيّة، وتأذّت سمعتها، وتراجعت مكانتها كأكبر اقتصاد عالميّ. مقارنة مع المنافس الحقيقيّ لها اقتصاديًّا. وأعنّي الصّين.
فهل غَلَبَ الفائض الصّيني، العجز الأمريكي؟
نعم، فلقد اصطدمت تعهدات رؤساء أمريكا بعقبات كثيرة. منها التّمويل. وأثره على التّضخّم، وارتفاع العجز في الميزانيّات، ومنها وباء الكورونا الذي فرض عليها التزامات ماليّة ما كان لها بند حساب في ميزانيّاتها.
ولقد تسبّب ضخّ الرئيس ترامب للأموال؛ بحجّة إحلال التّعافي إلى ارتفاع مؤشّر المَديونيّة في أمريكا. إذ بلغ مع نهاية فترة رئاسته حدّ 23 تريليون دولار، وانقسم إلى دين عام قدره 17 تريليون دولار، ودين على الأجهزة الحكومية بلغ 6 تريليون دولار، وبعجز يصل سقفه إلى 984 مليار دولار في 2019م، وهذا ما لم يحصل مع الصّين التي تلبّي حاجاتها من فائض ميزانيّاتها.
ولمّا طوّر الرئيس جو بايدن الأمر؛ رابطًا ارتفاع المؤشر الاقتصادي بأمرين هما تحسين البنى التّحتيّة، ودعم الاستثمار في تنمية روافد الاقتصاد وتجديد مَساراته. اصطدم مرة أخرى بعقبة ارتفاع الدّين العام فمن أين له أن يموّل دون أن يتسبب في العجز. الذي ارتفع إلى 108 % وإذا ما بقي الحال على ما هو عليه دون تحسين فسيصل إلى 30 تريليون دولار بحلول عام 2026
في حين لم نجد تلك الأرقام في دولة مثل الصّين، ولم تتعثر الصّين: لا في تمويلها، ولا في تحسينها لما دمّرته الطبيعة من بناها التحتية، ولم نشهد أرقامًا كتلك التي شهدناها في أمريكا، وبالمقارنة فإننا نستنتج أنّ الحل لا يكمن في ضخّ المال والتّمويل بلا حساب، أو رقيب، بل يكمن في تحسين البِنى التّحتيّة وتقوية الجاهزيّة وإصلاح قوانين الاستثمار الأمر الذي يُبقي أطرافًا على الطّاولة، ويُجبر أطرافًا آخرين على الانسحاب.
وإن إعادة بناء اقتصاد أمريكا من جديد، وإزالة نِقاط الوَهَن واستحداث وظائف جديدة، وغير ذلك هو من الأمور التي تفرض صَدَاها على كلّ من يرأس أمريكا. والأمر ليس بالهيّن.
إنّ أقل ما يوصف به عجز الميزانيّة الأمريكية في 2021 بأنّه العجز الأكبر منذ 1945، باستثناء العجز القياسي لعام 2020، الذي بلغ 14.9%.
وأخيرًا.
يواجه العالم اليوم حالة من الهَلَع. وحالة غير مسبوقة من الخوف على المُستقبل، ولقد بدأت الدّول في قياس حَجم عَجْزها في العشرين سنة القادمة، وبدأت تَحسب لذلك ألف حساب، وتُجهّز الحُلول، وتُبرمج خططها الاقتصاديّة والماليّة؛ لمحاربة أي عجز ماليّ قادم، كما بات العجز الماليّ الخطر الأكثر تهديدًا للشّعوب. مما أوجب على الدّول أن تبحث في البدائل الأكثر ملاءمة لسدّ الثّغرات.