23-آب-2020

أبوغزاله يقول": من يحاربني أحبه لأنه يعطيني القوة

د. مشيرة عنيزات
23-08-2020 

لقد حاولت جاهدًا أن أُحب من يحاربني ففشلت، لم أستطع فتح صدري؛ لتلقي النبال، وكنت أكتفي بالصمت والابتعاد خاصة إذا كان من يحاربني أعلى منّي مكانة ومنصبًا، حتى قرأت مقولة لطلال أبوغزاله يقول فيها "الفكرة في قيمة الإنسان وليست في المال، الفكرة في القيمة المعنوية لأي عمل تقُدم عليه. من يحاربني أحبّه؛ لأنه يعطيني القوة. هذه فلسفلة قد تجدونها غريبة ولكن صدقوني لم يخدمني أحدٌ أكثر من الذين حاربوني طيلة حياتي".

نعم، وجدتها فلسفة غريبة؛ لأنه عندما تكون من الدّاخل مدمّرًا ومُحاطًا بمن يحاربك من شتّى الجوانب فلن ترى من حولك إلا الدّمار والتّحطيم ولن تشاهد من يعمر ويعلي البنيان فتصبح مغشي العينين، حتى تصل إلى مرحلة الفشل التي أرادها من يحاربك. كأنّه يقول لنا، دائمًا ما يشعر الناجحون بأن أعين المحاربين والجبناء والهاربين لهم بالمرصاد وتترقبهم دومًا. إنهم وبكل تأكيد خدموك يا دكتور طلال، فأنت اليوم تقدّم لهم باقات ورد عن الحروب التي خاضوها ضدك وتقدّم لهم قصة نجاحك وتروي لهم حبّك للعمل الذي مزجته بالتّحدي.
تعرف يا دكتور طلال حق المعرفة أن الوجوه في القِدم كانت أطيب، وأن القلوب كانت أصفى وأن السعادة كانت أكبر، والمحبة كذلك.

وتعلم جيدًا أن الجميع كان يتنافس لأجل الخير، وتعلم أنك قد تُضيء ويسطع نورك وقد تنطفئ، ويختفي بريقك، وتنسى حُلمك، وتفقد أملك، ويبرد قلبك، وتثقل الأيام روحك وفكرك، ولكنك على يقين بأن هناك سحابة آتية ومثقلة بالماء والبرَد ستنزل بردًا وسلامًا عليك وستنجح وتضيء من جديد، وستمرّ الأيام لتصبح ذكرى تستمد منها القوة. وها أنت على يقين بأن من حاربك سيضيق به العالم، ولن يتسع له من شدة مرارة قهره!

أما الدكتور أحمد خالد توفيق فتشعر به وكأنه يرد على مقولة الدكتور طلال أبوغزاله قائلًا: "لن يفهموك، فأنت تتحدث عن أمر قطعت فيه آلاف الأميال تفكيًرا ولم يمشوا فيه خطوة واحدة. لن يشعروا بك. فأنت تشرح شعورًا جال في قلبك كل ليلة ملايين المرات ولم يطرق قلبهم ليلة. ليس ذنبهم، بل هي المسافة الهائلة بين التّجربة والكلمات".

وكأنّه يصفه بأنه المحب للحياة وللعمل بأنه مضيء ومشرق، كأنّه يقول لكل يائس فينا "أن تحبّ من يحاربك فهذه صفة الأقوياء" ولن يفهمها أحدٌ إلّا الأقوياء. فمن الصّعب أن تصف شعورًا لأحد لم يجربه، وأن تجد في شعوره تناقضًا لا يشعر به إلا هو، حتى أدركتُ من عمق كلماتهما "إنني لستُ بحاجة لمن أشكو له عن وجعي وألمي"، وإنني قادرة على أن أهزم نفسي لأنّ القادم أصعب ولن أفكر في ماضٍ ضاع ولن أشرح ضعفي وحزني لأحد (سأحب من يحاربني لأنه سيعطيني القوة)".