13-أيار-2024

هل ستختفي خدمة الإنترنت التي نعرفها الآن؟

على الرغم من أن المشاريع المذهلة ساهمت في التواصل بيننا أكثر من أي وقت مضى، إلا أن حرية الإنترنت تتراجع في الوقت الحالي.

على شاطئ رملي حار في لاغوس في نيجيريا، يشق وحش بحري عملاق طريقه ليخرج من مياه المحيط الأطلسي الزرقاء متجها إلى المدينة.

ورغم أن هذا الوحش البحري يشبه ثعبان البحر النحيف، إذ لا يزيد حجمه عن حجم خرطوم مياه الحديقة تقريباً، ولكنه أطول بكثير مما يمكن تخيله.

ويبلغ طوله 45 ألف كيلومتر من بدايته إلى نهايته. وهو ما يعني أنه يمكن أن يلتف حول كوكب الأرض بأكمله.

وسيوفر قدرة محسنة للإنترنت ومرونة حيوية لحماية التدفق الحر للإنترنت إلى 33 دولة، من خلال 46 نقطة وصول منفصلة من البحر إلى الأرض.

تم بالفعل تشغيل أجزاء من الكابل ولكن لن يتم الانتهاء منه تماماً حتى العام المقبل. سيوفر الكابل عالي التقنية سعة إنترنت أكثر من إجمالي السعة الحالية لجميع الكابلات البحرية التي تخدم إفريقيا مُجتمعة.

إنه مشروع الإنترنت الأكثر طموحاً على الإطلاق حيث تتدفق الأموال والخبرات من الدول المتقدمة والشركات العملاقة في الإنترنت مثل ميتا وتشاينا موبايل وفودافون.

انقطاع الإنترنت: لماذا تقرر حكومات تعطيل الشبكة العنكبوتية؟

وقد ساهمت المشاريع الطموحة مثل كابل أفريقيا2، في وصول خدمة الإنترنت إلى 70 في المئة من سكان العالم.

ونعتمد جميعاً على الكابلات البحرية كل يوم في استخدام الإنترنت لإرسال رسائل البريد الإلكتروني أو مشاهدة مقاطع الفيديو.

في بعض الأحيان، تعتمد اتصالات دولة بأكملها على عدد صغير من كابلات الإنترنت التي يمكن أن تنقطع، بل وتتعطل بالفعل.

وهناك العديد من الطرق التي يمكن من خلالها تهديد اتصالنا بالإنترنت مثل حوادث قوارب صيد الأسماك، أو وقوع الزلازل والانهيارات الأرضية، وفي بعض الأحيان الاشتباه في أعمال تخريب، لكن يظل التهديد الأكبر والأكثر تزايداً يأتي من الحكومات نفسها.

تُظهر البيانات السنية التي جمعها باحثو الاتصال في توب تن في بي إن (Top10VPN9) أن اتجاه انقطاع الخدمة يتزايد، حيث يتم قطع الإنترنت عمداً في بلد أو منطقة.

لماذا تقرر حكومات تعطيل الشبكة العنكبوتية؟

وتتصدر الهند دول العالم في هذا الاتجاه من خلال تبني تكتيك ثابت لقطع خدمة الإنترنت عن كل شيء، سواء لمنع الغش في الامتحانات أو حتى للسيطرة على المعارضة.

مؤسس فيسبوك مارك زوكربيرج يطالب بقوانين لضبط "المحتوى المؤذي" على الإنترن

لقد أصبحت الأمور خطيرة للغاية لدرجة أن الأمم المتحدة قالت في العام الماضي: "قد يكون الوقت قد حان لتعزيز الوصول الشامل إلى الإنترنت كحق من حقوق الإنسان، وليس كمجرد امتياز".

ولا يقتصر الأمر على قطع خدمة الإنترنت فقط، بل هناك ارتفاع أيضاً في معدلات الرقابة على المواقع والخدمات.

ويقول الباحثون إن حرية الإنترنت تراجعت لمدة 13 عاماً على التوالي.

وتراجعت حرية الإنترنت مؤخراً في إيران وميانمار، مع بقاء الصين أسوأ بيئة على الإنترنت.

ولم يعد المتشائمون فقط هم الذين يقولون: إن الإنترنت كما نعرفه حالياً يحتضر.

لكن لماذا؟

يقول الخبراء إن الأمور تسير في اتجاه واحد فقط، لأن أدوات التحكم في الإنترنت أصبحت وفيرة والحكومات لا تجد حرجاً في استخدامها.

تقول جاكي كير، زميلة أبحاث في جامعة الدفاع الوطني الأمريكية: "كان هناك خطاب متفاءل في وقت سابق من أن الإنترنت سيتحول إلى فضاء عالمي، بعيداً عن متناول سيطرة الحكومة، ونفس الشيء في كل مكان، لكن ذلك كان دائماً ضرباً من الخيال".

وتضيف جاكي أن هذا الخيال ساهم فيه فهم غير صحيح لكيفية عمل التكنولوجيا فعلياً. على سبيل المثال، وصف الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون، محاولة التحكم في كيفية استخدام الناس للإنترنت بأنها لن تنجح، وشبهها بأنها "مثل محاولة تثبيت الهلام على الحائط".

لكن الأمور تغيرت بحسب جاكي، وتوضح أن الأمر كان مجرد مسألة وقت قبل أن "تتمتع الحكومات بمزيد من السيطرة وتتعلم كيفية تنسيق الأمور لفرض سيادة القانون على الإنترنت".

كانت الصين رائدة في التحكم بالإنترنت، وقد فعلت ذلك من خلال تطوير حلول لأجهزة وبرامج باهظة الثمن لإنشاء سور الحماية العظيم (من الإنترنت) الشهير.

كما قامت بتجنيد جيش من مراقبي الإنترنت القادرين على مراقبة ما يشاركه الأشخاص ويناقشونه لفرض رقابة مباشرة على الإنترنت.