30-نيسان-2024

ما مكانة الدول العربية في سباق الذكاء الصناعي العالمي؟

في السنوات الأخيرة حظي الذكاء الصناعي (AI) باهتمام كبير ومتزايد، تسابقت معظم بلدان العالم إلى الاهتمام به وتطويره واستخدامه في مجالات عدة، لما له من تأثيرات كبيرة ومؤثرة على مختلف مفاصل الحياة، حيث أصبح جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية لجميع الناس.

يتصدر AI باستمرار عناوين الأخبار كل يوم لما له من استخدامات واسعة، حيث استُخدم في محاربة الأوبئة ومنها وباء كوفيد-19، وتطوير الخدمات الطبية والرعاية الصحية في المستشفيات، وتفعيل التعلم عن بعد ورفع جودة التعليم التقليدي في المؤسسات التعليمية في جميع المراحل.

وتم الاعتماد عليه في المجال العسكري عن طريق تحليل الصور عالية الدقة من الأقمار الصناعية، وقيادة الطائرات من دون طيار، وتوجيه الضربات عن بُعد، فهو الذي يرسم شكل الحكومات المستقبلية وشكل حياتنا كأفراد.
السباق العالمي نحو الذكاء الصناعي

تشهد البلدان الكبرى حالة من الصراع لتحقيق الهيمنة في مجال الذكاء الصناعي الذي له تطبيقات مدنية وعسكرية يكمّل أحدها الآخر، ولما له من انعكاسات وتداعيات كبيرة على مستقبل النظام الدولي.

ومع ارتفاع الإيرادات ومخرجات الأبحاث في مجال الذكاء الصناعي، تحتدم المنافسة العالمية بين الولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي.

تتخذ الولايات المتحدة وخصومها من القوى العظمى مسارات مختلفة في سعيهم وراء الذكاء الصناعي (AI)، لكن الثلاثة يخصصون موارد كبيرة لما يعتقدون أنه سيغير قواعد اللعبة.

تتفوق الولايات المتحدة على خصومها في مجال الذكاء الصناعي بشكل واضح، فلديها 20 جامعة متخصصة في أبحاث ودراسة الذكاء الصناعي.

في حين أن الصين تقع في المرتبة الثانية عالمياً في استخدام الذكاء الصناعي، ولديها عدة جامعات متخصصة في مجال AI منها جامعة تسينغهوا.

وكانت الصين قد أطلقت مبادرات تعليمية وطنية في مجال الذكاء الصناعي، باعتبار الذكاء الصناعي مجالاً رئيسياً للدراسة.

أهم مراكز بحوث الذكاء الصناعي في العالم

يتطور الذكاء الصناعي وينتشر باستمرار في كل الصناعات، وخصوصاً مع وجود الكثير من الابتكارات الرائدة التي تدفع الصناعة إلى الأمام. ولهذا الغرض نشأت مراكز بحوث ومعاهد متخصصة تقود البحث والتطوير في مجال الذكاء الصناعي في العالم، منها:

1- معهد آلان تورينج

مقره في المكتبة البريطانية بلندن، تم إنشاؤه في عام 2015. يساعد المعهد في جعل المملكة المتحدة أفضل مكان في العالم لعلوم البيانات وأبحاث الذكاء الصناعي والتعاون والأعمال.

2- مجموعة أكسفورد

تقع في المملكة الأمريكية في جامعة أكسفورد، وتعمل على جمع الإحصائيات واستخدامها في مختلف البحوث والعلوم، منها الصحة العامة والأنظمة الذكية المستقلة وتربية الحيوانات.

3- مختبر أبحاث ElkanIO

ومقره في كوشين ولاية كيرالا في الهند، تأسس هذا المختبر في عام 2017 لمعالجة مشاكل العالم الحقيقية، ولديه خبرة عملية في تطوير الذكاء الصناعي.

4- معهد MIT

يقع هذا المعهد في أمريكا، ويعد معهد ماساتشوستس من أفضل المختبرات في الولايات المتحدة، يهتم بمجالات عدة منها الروبوتات والبرمجيات والهندسة.

5- مختبر UTCS AI-Lab

يقع هذا المختبر في جامعة تكساس، ويهتم بمعالجة التحديات المركزية للإدراك الآلي، سواء من منظور نظري أو من منظور تجريبي موجَّه نحو التنفيذ.

6- مختبر بيركلي

يقع في كاليفورنيا، ويهتم بجمع أبحاث الذكاء الصناعي وربطها بالتخصصات العلمية والعلوم الإنسانية.

سعي دول الشرق الأوسط في سباق الذكاء الصناعي

تتميز بعض دول الشرق الأوسط، الخليجية منها على وجه التحديد، في سباقها نحو الذكاء الصناعي عن بقية الدول بأنها تتوفر فيها سبل النجاح من دعم حكومي ودعم مادي كبير، عكس دول الغرب التي قد تعاني بعض المراكز البحثية، رغم وفرة العقول، من شح الدعم المادي.

قال طومسون (المدير التنفيذي لشركة IBM في الشرق الأوسط): "في الولايات المتحدة تتمثل إحدى كبرى المشكلات التي نواجهها في عدم قدرتنا على الحصول على ميزانية لبناء شيء ما حتى يتم إثباته".

لكن هذه المعضلة قد لا تكون موجودة في دول الشرق الأوسط، إذ إن الميزانية متاحة، لكن المشكلة نقص في العقول الرائدة في هذا المجال، ممَّا جعلها تستخدم تلك الموارد لاستيراد العقول.

ومن الميزات الأخرى التي تتميز بها بعض دول شرق الأوسط، حسب ما صرح به الدكتور حاتم بقشان، رئيس مركز الابتكار الكبير في المملكة العربية السعودية، "أن الشباب يشكلون نسبة 30% من إجمالي عدد السكان في الشرق الأوسط، وهو عدد ضخم، لذلك إذا حاولنا الارتقاء بهذه الأجيال، فبعد 15 إلى 20 عاماً، سيكونون قادرين على قيادة بلادهم في أن يكونوا من أوائل المتبنين والمنفذين الناجحين للذكاء الصناعي".

ومن المتوقع أن تكون مكاسب دول الشرق الأوسط من استخدام التكنولوجيا في عام 2030 بنحو 230 مليار دولار.

أبرز مساعي الدول العربية في مجال الذكاء الصناعي

1- السعودية

تحتل المملكة العربية السعودية المرتبة الأولى عربياً، والمرتبة 22 عالمياً في مؤشر الذكاء الصناعي العالمي"Tortoise Intelligence".

تعمل المملكة على إنشاء خطط لكي تضعها في مقدمة الدول التي تعتمد على الذكاء الصناعي، حيث أنشأت معهداً حكومياً يدعى "سدايا"، يقدم المركز عدداً من الخدمات الإلكترونية التي تربط بين الحكومة والمواطنين.

وفي سياق سعي دولة المملكة لتطوير قدراتها عقدت قمة متخصصة في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، جمعت فيها صناع القرار وخبراء من مختلف دول العالم تحت شعار "الذكاء الصناعي لخير البشرية".

تهدف القمة إلى بناء حوارات ذات أهمية عالمية، سواءً من حيث التعافي من الجائحة أو التوجهات التي تشكّل مجال الذكاء الصناعي، ومناقشة بعض الاعتبارات الاستراتيجية الرئيسة الضرورية لتأسيس منظومة فعّالة ومؤثرة للذكاء الصناعي.

2- قطر

تحتل دولة قطر المرتبة الثالثة عربياً، والمرتبة 42 على مستوى العالم.

وقد اهتمت الحكومة القطرية بتأسيس بنية قوية تمكنها من تطوير الاعتماد على الذكاء الصناعي في مختلف المجالات، وذلك لمجاراة التحول الكبير الذي يشهده العالم في هذا المجال.

وتستخدم الذكاء الصناعي في مجالات التعليم والاتصالات والغاز والصحة، وتسعى إلى تطويره لكي يتماشى مع متطلبات الحياة.

3- تونس

مع تفشي وباء كورونا في العالم عموماً وفي تونس خصوصاً اتجهت الحكومة التونسية إلى الاعتماد على الذكاء الصناعي للمساعدة في مواجهة الجائحة.

إذ دعمت الحكومة التونسية المبرمجين والعلماء لاستخدام الذكاء الصناعي للتصوير الشعاعي، واختراع روبوت لفرز المشتبه بإصابتهم بالفيروس والبحث عن لقاح.

ومن الإبداعات للشعب التونسي يُذكَر ما حققه التلميذ التونسي ياسين بن سليمان من جائزة عالمية للذكاء الصناعي، عندما اخترع روبوتاً يقوم بعد النقود. تنافس في المسابقة 5500 تلميذ من 99 دولة تفوق عليهم الطالب التونسي.

4- مصر

تعمل مصر على تطوير الإمكانيات من أجل مواكبة تطور وتقدم الذكاء الصناعي، إذ عمدت إلى تنفيذ برامج لبناء القدرات وتدريب موظفي الدولة والقطاع الخاص والطلبة والخريجين على تقنيات الذكاء الصناعى كل في مجاله.

كذلك نشرت برامج التوعية للمجتمع لتوعية المواطنين بأهمية الذكاء الصناعي وفوائده، وإمكانية استفادة المواطنين منه على اختلاف اهتماماتهم، ووفقاً لِمجال اختصاصاتهم وعملهم.

كما تم إنشاء أول جامعة معلوماتية متخصصة بالذكاء الصناعي في مصر.

5- المغرب

سعت دولة المغرب لاستخدام الذكاء الصناعي في التعليم والطب وتطويرهما للخروج بأفضل نتائج، حيث أنشأت منصة (Mathscan) لتعليم الرياضيات في المدارس، يعد هذا التطبيق الأول في الوطن العربي.

وتم استخدام تقنيات الذكاء الصناعي في الطب للكشف عن فيروس كورونا (Covid-19) عن طريق تحليل خلايا الدم لتعرّف الخلايا المصابة، كما استخدمت الذكاء الصناعي لتطوير اللقاح الخاص بهذا المرض.

كما أبدعت في المغرب الباحثة المغربية هاجر المصنف التي صُنفت الأولى عالمياً ضمن فئة "الذكاء الصناعي الشامل المندمج"، ضمن جوائز "ويمن تيك" التي تكافئ النساء اللواتي يحققن إنجازات دولية وبراءة اختراع في مجال التكنولوجيا المتقدمة.

وجاء هذا الإنجاز عن طريق براءة اختراع خاص بتحليل ومعالجة البيانات التي يحتوي عليها الهاتف النقال، هذا الاختراع يمنح الهاتف القدرة على تعرّف مشاعرنا والتفاعل معها بواسطة رسائل شخصية اعتماداً على وضعنا النفسي.

الدول العربية بين امتلاك الذكاء واستخدامه لقمع المعارضين

نظراً لاستخدام خوارزميات التعلم الآلي في المزيد والمزيد من المنتجات والخدمات، هناك بعض العوامل التي يجب أخذها في نظر الاعتبار عند التعامل مع الذكاء الصناعي، لا سيما تلك التي تزعزع وتقلق ثقة الناس وتهدد أمنهم وحريتهم.

ومن المخاوف الكبيرة التي حذر منها مُعظم الخبراء هي استخدام أنظمة الذكاء الصناعي في التجسس والمراقبة، مثال ذلك استخدام أنظمة تعرّف الوجه في قمع المعارضين أو تتبع حركاتهم.

أو مراقبتهم عن طريق الأقمار الصناعية أو عن طريق تسجيل المكالمات و الرسائل، أو من خلال استخدام تطبيقات تعمل على الوصول إلى بياناتك والاحتفاظ بها.