30-نيسان-2024

من البطانية إلى النجاح والعالمية: قصة طموح وإصرار

من البطانية إلى النجاح والعالمية: قصة طموح وإصرار

في كتابه "البطانية تُصبح جاكيت" والذي يسرد فيه جانبا من سيرته الذاتية، بدا لافتا إصرار المفكّر العربي الدكتور طلال أبوغزاله على اختيار عبارة "حياة أنعم الله عليها بالمعاناة" كعنوان فرعي للكتاب المثير، لكنّ قارئ الكتاب والمتتبع لسيرة وأفكار أبوغزاله يعلم جيّدا منبع ذلك الإصرار، فالرجل العصامي يؤمن أن المحنة هي في جوهرها منحة وفرصة.

لا يمكن لأيّ شخص لم يطلع على سيرة أبوغزاله أن يصدّق أن هذه الشخصية الكبيرة قد عاشت حياة بائسة وعانت ظروفا قاسية في فترة الطفولة والمراهقة؛ يكفي القول إن والدته اضطرت ذات يوم أن تحيك لأفراد العائلة ملابس من "بطانية أكل الدهر عليها وشرب"، وإنه كان يضطر للمسير على قدميه أربع ساعات -ذهابا وإيابا- وبشكل يومي من أجل الالتحاق بمدرسته، وأنه كان يدخل الغرفة الصفية في بعض أيام الشتاء وكأنه خرج للتوّ من النهر، وإنه اضطر للعمل في سنّ مبكّرة من طفولته!

الكتاب الذي يشكّل مصدر إلهام حقيقي لكلّ ذي طموح، طفلا وشابّا وكهلا، يشرح بأمثلة واقعية كيف تحوّل ذاك الطفل المحروم إلى واحد من أكبر رجال الأعمال والمفكّرين في الدنيا، بل وواحد من أكثر المؤثرين في العالم، وهو يشكّل وصفة للنجاح لكلّ باحث عن النجاح والتميّز، فمهما كانت أصناف المعاناة فهناك مبادئ من شأنها تحويل أي معاناة إلى نعمة.

يشير أبوغزاله في الكتاب إلى عدة مبادئ ودروس، ولعلّه اختصر جزءا كبيرا منها لاحقا بوثيقة "الوصايا العشرين للشباب"، وفي مقدّمتها "اجعل من الفشل فرصة جديدة وحوّل الفشل إلى نجاح، وأنك لا تفشل إلا عند التوقّف عن المحاولة، والتفاؤل، وأن لا تتوقف عن العمل، وأن تتعب في النهار لتنعم في النوم، والتعلّم الذاتي، وأن تكون دائما تلميذا لا يتوقّف عن التعلّم، وجعل التقنية أداة عمل دائما، وعدم الانشغال بالردّ على الانتقادات، والبحث عن التميّز والأسبقية ومقاومة غريزة السير وراء الجموع، والبحث عن الابتكار خشية الاندثار، والعمل بأكثر من الأجر لتحقق أجرا أكبر من العمل، وأهمّ نصيحة يجب أن يؤمن بها الفرد أن النجاح ليس خيارا بل قرار يجب تحقيقه".

الغوص في كتاب "البطانية تُصبح جاكيت"، تولّد قناعة لدى القارئ بضرورة تعميم هذا الكتاب على المدارس والجامعات، فالمصلحة الوطنية والقومية تقتضي تعميم تجربة الدكتور أبوغزاله على الفتية في المدارس والشباب اليافعين في الجامعات، فالمبادئ التي سار عليها المفكّر العربي وأبرزها في كتابه، من شأنها النهوض بأجيال المستقبل.

أحمد توفيق