Javasript is currently not supported/disabled by this browser. Please enable JavaScript for full functionality.
الفخر لشهدائنا، والفخر لنا بهم
شهادة ميلادي المعلقة في مكتبي صادرةعن" حكومة فلسطين "عام 1938
لا تنقل المشكلة لمديرك، ولا تكتفي بإقتراح لحلها، بل بادر إلى الحل
نشرت جريدة السفير اللبنانية مقالا للأديبة والشاعرة السورية غادة فؤاد السمان بعنـوان "سندباد بلا حدود" عرضت فيه جوانب مشرقة وهامة من شخصية الأستاذ طلال أبو غزالة ونعيد نشره بالنص كما ورد. كثيرون هم الذين يختزلون تاريخهم بدفتر شيكات …كثيرون هم الذين يعلقون فوق صدورهم ربطات عنق أنيقة كوسام فخري… كثيرون هم الذين يحملون "بايباتهم" كلافتة لعنوان عريض يقرأه فقط قصار النظر.. ولهؤلاء جميعا تعلمت فنون العزلة، وأتقنت مبادئ السخط الرجيم! ومع أني لا أحبذ لغة الإسهاب والاستطراد والاستطراء إلا عن العلي القدير… وعني… سمحت لبعض المفردات بأن تتسلل إلى مسمعي، وإذا بها زاخرة وافرة فياضة جياشة حاشدة زاحمتني عن نفسي وما فيها!. وإكراما لخصوصية اللفظ وقدسية التأويل حسب المصادر الفقهية أقول : إنها ليست الصدفة هي التي جمعتني به، وإنما هو قدر محدد مدبر بموعد كوني مسبق لا ناقة لي فيه ولا جمل…… ففي زيارة قصيرة للملكة الأردنية الهاشمية قبل بضع سنين زرعت حينها فوق تلال المملكة السبع نظرات بعيدة الود والبياض كروح شاعرها الأمير "عرار" الذي هام مع الفجر نكاية بكل زيف… وفي أغوارها دفنت غصاتي المتوالدة على طول الشريط الشائك الذي حز بين وريدي وبين الضفة الفلسطينية المحكومة بمراصد الإسرائيلي وغطرسته. وفي مؤسسة "عبد الحميد شومان" ذاك الصرح الثقافي العريق الذي يتنفس فيه المثقف الصعداء بعمق نادر، والتي خرجت منها بوثيقة تقدير افخر بها حتى اليوم….. التفــرد إلى جانب هذه الخلاصة الرائعة من أرشيف الذاكرة…كان ثمة عنوان مواز مختصر بارز "طلال أبو غزالة" لم يكن في نيتي السؤال وقتها عمن يكون، بل لم يكن في الحسبان أيضا، فما لي ولمحاسب دولي قانوني، وأنا الخارجة عن كل القوانين "اللامنطقية" في احسن تقديراتها بتقديري إلى قوانين خاصة سننتها بوجداني وضميري وأخلاقياتي الفاضلة لزمن لا يشبهها بشيء ؟!…. لكن ذكره كان ملحاحا فلكل شخص عرفه…إضافة وشهادة ومحبة وإكبار.
فعجبت لأمرهم جميعا إلى حد بلغ فيّ الهاجس مبلغه… وهنا أبحث لنفسي السؤال…فواحد قال: أنه المعلم، وآخر قال: انه الأستاذ، ثالث قال: انه الحكيم، ورابع قال: انه الصديق: وغيرهم قال: انه اللهوف… وغيرهم قال وقال وقال….. فقلت: حسبكم ما هذا التفرد، وهو مفرد فرد، فكيف جمعتموه إلى هذا الحد…قيل أعرفته، قلت: لا، قيل: إذن لآرائك قليل صواب، ولسخطك الدائم بعض التجني. قلت: أين السبيل؟ قيل: خطوة، ترجلي عن كبريائك ولا مبالاتك، وتقفي العبارة للاعتبار! لم أفهم يومها ما الذي يجنيه هذا السندباد من تجواله المتواصل عبر أرجاء الكوكب… ولم أفهم كيف استطاع هذا الملقب بلا حدود، أن يصير شعلة وهاجة بحجم خطوط طول المعرفة وعرضها.. ولم ألم بمحوريته اللافتة في كل محفل ومنبر ومعجم! فقط فهمت انه بفضل نشاطه الزائد هذا يعتاش اكثر من ألف موظف وعائلته… فهمت انه يحرص كل الحرص على ان يدعم كل طالب علم ويساعده للتأهيل الدراسي والمعرفي. فهمت انه رغم كل الشهادات التي غنمها من هنا وهناك لا يعترف إلا بشهادة واحدة وهي شهادة الحق في كل موقف وكل حين. فهمت انه لا يحمل ولا يفاخر بغير هويته الفلسطينية فوق كل امتياز ويوقع بكبريائه واعتداده يقين الأمل… ويرثي بتفاؤله شهداء الوطن. فوق كل بروتوكول
فهمت أن عفويته فوق كل بروتوكول… وانحناءه الأسمى لكل بساطة وبسيط….وشعاره الموجز "أي كائن جدير بالاهتمام" ما أضيق المسافة بين عمان وبيروت ومعظم العواصم التي يختزلها أبو غزالة بكلمات المحبين، فما أعمق العبارات التي سمعتها قبلا، وما أرقاها أن تتجدد اليوم في نقابة الصحافة اللبنانية من رجل يرتقي باللغة والحضور والمقام كالدكتور روحي بلعبكي وهو يختصر لكل من حضر حفاوته واحتفاءه بأبي غزالة… بقي لي أن أؤكد انه بعيدا عن كل ما فهمت وما لم افهم أمر واحدا لا غير… أمر يحرضني على أن اكتب واكتب واكتب ….. أمر لا يقدم لي أي أمر أو يؤخره ….حسب ما يمكن أن يشاع سرا أو علانية. أمر يسعني أن أدونه بكل حبري وحروفي وما أوتيت من بصمة ولو كره المتعقبون. إن طلال أبو غزالة يشكل لدى استثناء خاصا لاحترام كبير. ولان الاحترام عندي مطلب ومذهب ومنهج ومرتبة واكتراث فهو حقا رجل دون كل الأشباه.